الأحد، 13 أبريل 2025

06:14 م

الشيخ خالد حسن يكتب.. في أي الفريقين أكون

السبت، 12 أبريل 2025 01:30 م

الشيخ خالد حسن

الشيخ خالد حسن

واجب على كلٍ منا أن يسأل نفسه هذا السؤال ، ولا يتغاضى عن ذلك السؤال ولا عن الإجابة عنه ، فإنه سؤال حتمي ، وانظر كيف تجيب ؟! فإن كانت إجابتك مرضية لله تعالى فقد أرضيت نفسك ، وإياك أن تخدع نفسك بالإجابة .. حاسب نفسك دائما قبل أن تُحاسب ، وضع لنفسك مقياسًا للحساب، وهو مقياس الصدق أمام نفسك ، وقف دائما لنفسك نوقفًا لا يحتمل التبرير ولا التزمت، لا أن يتعادل حقك وواجبك ، وتتساوى حقوقك وحقوق الآخرين، ويتفق عدلك مع رحمتك ، وهذا ما قاله أمير المؤمنين  عمرُ بنُ الخطّابِ- رضي اللُّه عنه-: “حاسبُوا أنفسَكُم قبلَ أنْ تحاسبُوا، وزنُوا أنفسَكُم قبلَ أنْ توزنُوا، فإنّهُ أهونُ عليكُم في الحسابِ غدًا، أنْ تحاسبُوا أنفسَكُم اليوم، وتزيّنُوا للعرضِ الأكبرِ، {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ} (الحاقة/ 18) وإياك ثم إياك أن تتكبر على محاسبة نفسك ، فإن الدنيا لا تغر إلا من تمسك بها وجاهد نفسك على طاعة الله، فهذا الفاروقُ عمرُ رضي اللهُ عنه يشهدُ لهُ الرسولُ بالجنةِ وأنَّ الشيطانَ يفرُّ منهُ، ومع كلِّ ذلكَ يستحقرُ نفسَهُ ويتجاهلُهَا، ولم يقلْ أنا أميرُ المؤمنين، أنَا أنَا ! تأمَّل حالَهُ “رضي اللهُ عنهُ " وهو يخاطبُ نفسَهُ - عمرُ بنُ الخطابِ أميرُ المؤمنينَ! -: واللهِ لتطيعنَّ اللهَ أو ليعذبنَّكِ.. يا ليتَ أمَّ عمرَ لم تلدْ عمرَ.. وددتُ لو خرجتُ منهَا كفافاً لا لِي ولا عليَّ. وحينَ أشرفَ على الموتِ قال لابنِهِ عبدِ اللهِ -رضي اللهُ عنه-: ضعْ خدِي على الأرضِ، ثم قالَ: ويلِي إنْ لم يغفر اللهُ لي. وهذا أميرُ المؤمنينَ عليٌّ رضي اللهُ عنه يتململُ في محرابِهِ قابضاً على لحيتِهِ يخاطبُ الدنيا: يا دُنيا غُرِّي غيرِي، إليّ تعرضت أم إليّ تشوقت؟ لقد بتتُكِ ثلاثاً لا رجعةَ فيهَا، فعمرُكِ قصيرٌ، وخطرُكِ حقيرٌ.... هذا والله واجب علينا جميعا ، أن نقف أمام أنفسنا ولا نتخاذل من محاسبة أنفسنا ، واسع دائما أخي المسلم أن تكون بعملك من أهل الجنة والسعادة بها ، وتنأى بنفسك أن تكون من أهل النار وعذابها ، فقد قال  ﷺ: ”اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ؛ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ ؛ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ”. فهذا الخليفةُ الراشدُ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ كان يجمعُ الفقهاءَ والقراءَ في كلِّ ليلةٍ فيتذاكرونَ ثمَّ يبكونَ كأنَّ بينَ أيديهِم جنازةً.. وبكَى ليلةً فبكَى أهلُ الدارِ ببكائِهِ، فلَمّا انجلتْ عنهُ العبرةُ سألوهُ: ممَّ بكيت؟ قال: قرأتُ قولَهُ تعالَى: {فَرِيقٌ فِي الْـجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: ٧]، فلا أدرِي في أيِّ الفريقينِ أكونُ؟
 

search